2008. لكن السؤال المطروح ألم تكن الاتفاقيات لو نُفِّذت ستحافظ على وحدة أوكرانيا مع وضع خاص لمناطق الشرق، لو التزمت بها كييف بعد الانقلاب على يانكوفيتش في العام 2015؟ ومن بينها سحب الأسلحة الثقيلة من خطوط التماس التي نشأت، وعدم التعرض للناطقين باللغة الروسية وتعدادهم بالملايين!
طبعاً متعذر الجواب، لكن أقله كان ينبغي أن تُحترم تلك الاتفاقيات، لا سيما من جانب الدول الضامنة، التي وفق تصريحات جديدة للسيدة أنجيلا ميركل المستشارة السابقة لألمانيا والرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، فإن تلك الاتفاقيات لم توضع لكي تنفذ؛ لذلك كل المناشدات لروسيا ورئيسها لم تغير أنملة من منحى الحرب الروسية على أوكرانيا التي استهدفت البشر والحجر، وأصابت أوروبا ودول العالم بكوارث، وهي لم تتعاف بعد من جائحة «كوفيد - 19»!
قالت المستشارة ميركل، إن اتفاقيات مينسك كانت تهدف إلى «منح كييف الوقت الكافي لتعزيز قدراتها العسكرية» (...) ورأت أن هذه الاتفاقيات «لم تنهِ الأزمة في شرق أوكرانيا، إلا أنها جمدتها لفترة من الزمن»؛ كون «الناتو لم يكن قادراً في تلك الفترة على إمداد أوكرانيا بالسلاح بالوتيرة التي يقدمها اليوم»! وأعقبها الرئيس هولاند بالإعلان، أن الاتفاقيات «أتاحت لأوكرانيا تعزيز قدراتها العسكرية، وأصبح الجيش الأوكراني مختلفاً تماماً»!
صادم حديث ميركل وهولاند، لكنه بالنهاية يعزز كل السرديات التي ساقها الجانب الروسي، من وجود استهداف لروسيا من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ ما يعني أن الحرب كانت ستقع! فبادرت موسكو إلى عمل عسكري استباقي، وانتزعت المبادرة لإفهام الآخرين عقم وضع الاتحاد الروسي أمام لغة القوة.
صعب توقع ما ستؤول إليه الحرب والنتائج الكارثية التي ستسفر عنها، ولا يبدو أن معجزة ما ممكنة لوقفها في الأفق القريب. إنها حرب عالمية ثالثة بين روسيا والناتو على الأرض الأوكرانية التي استبيحت وتحولت حقول موت وتجريب للأسلحة. كما أنها الحرب التي وضعت أوروبا أمام استحقاق آخر يعادل انعطافاً تاريخياً، يفترض عسكرة وتعزيز البنى التحتية وخطوات دفاع مشترك... فمن الواضح أن كل الأحلام الوردية لما بعد سقوط جدار برلين أصبحت من الماضي. لكن العسكرة وهي ضرورية، غير كافية من دون شفافية أوروبية، تكون الأساس لإدارة الخلافات في المستقبل.
على الطريق لمثل هذا التحول، متى وقفت الحرب، من سيعيد بناء أوكرانيا وبأي إمكانات وقدرات؟ وهل هو كافٍ في هذا القرن لاحتلال موقع القطب العالمي – النموذج، الاكتفاء بتبلور حالة قيصرية «إسبارطية»!
الكاتب والصحافي حنا صالح