تريدون رئيسًا آخر؟ يمكنكم أنْ تحصلوا عليه. هذا، إذا استطعتم.
كما يمكنكم أنْ تواصِلوا تمريغ الدولة، والقانون، والدستور، والقضاء، والعدل، والأمن، والرغيف، والأمان.
يمكنكم أيضًا أنْ تأخذوا ما شئتم، وأنْ تستولوا على ما شئتم – إذا استطعتم – لكنّكم لن تحصلوا على لبنان.
ولا على صكوك الاعتراف من الأحرار، ولا على الرضوخ، ولا على الخنوع، ولا على الاستسلام.
ولن تحصلوا من الأحرار على مواثيق الجزية التي يؤدّيها لكم – فقط - أهل الذمّة وسائر الخدمتجيّة والنفايات.
وخصوصًا خصوصًا، لن تتمكّنوا من حرّيّتنا.
بيننا وبينكم مسألة الحرّيّة، وهي عمرُها عمرُ الهواء والزمان، وقبل الهواء والزمان وقبل المكان.
بل أيضًا قبل الحياة.
تريدون سلطة الدولة؟ خذوها – إذا استطعتم - وخذوا – إذا استطعتم – الرئاسات كلّها. والمؤسّسات. وراكِموا الأتباع. وكدِّسوا المرتزقة. والعملاء. والأبواق. والانتهازيّين. والانبطاحيّين. والمتسلّقين. واجمعوا تحت عهركم (وعهدكم) كلّ مَن يقبّل يدًا ورِجلًا ويلحس صبّاطًا وقفا.
وفرِّغوا الدولة، ما دمتم تستطيعون. وجوِّفوا الإدارات. ونكِّلوا بالناس. بالأحرار من الناس. وكثِّروا السجون. والنظارات. واشتروا الضمائر. واغتصِبوا الليرة. وعمِّموا "فلسفة" الجوع والمرض والفقر والأوبئة والأمراض. وعطِّلوا الحياة. وامنعوها. وانشروا ثقافة اليأس والقحط والجهل والفساد والتهجير والظلام والموت.
لكنّكم لن تحصلوا على امرأةٍ حرّةٍ واحدة، ولا على رجلٍ حرّ واحد.
ولن.
لن تحصلوا على طفلٍ حرٍّ واحد. ولا أيضًا على نطفة – أو فكرة – جنينٍ حرّ.
ولن تتمكّنوا من الحرّيّة. ولا من أصولها. ولا من جذورها. ولا من أشعارها. ولا أيضًا وخصوصًا من مفاتيح أبوابها. وغدها.
افعلوا ما شئتم، وما استطعتم – إذا استطعتم - سبيلًا.
لستم أوّل من استأثر (في الداخل ومن الخارج)، وصادر، واحتلّ، وهرّب، ورهّب، وقتل...
ولن تكونوا الأخيرين.
قد تحصلون على السلطة – إذا استطعتم – وقد تحصلون تقريبًا على كلّ شيء، لكنّكم لن تحصلوا على الكرامة، ولن تنالوا منها.
لن.
حصرمٌ في عيونكم هي الكرامة.
وأنتم أيّها السادة الطغاة العبيد: شوكةٌ في زلاعيمكم هي الحرّيّة.
ولأفترض أنّكم ستستطيعون. وستتمكّنون.
والحال هذه، قد تستولون على الجغرافيا، وقد تستفردون بها.
وقد تصادرون لبنان كلّه.
عال. لكنْ، جرِّبوا فقط أنْ تغمضوا، وأنْ تناموا.
وجرِّبوا - حذار - أن تتنشّقوه في إغماضكم وفي نومكم.
جرِّبوا - حذار - أنْ تتنشّقوا لبنان.
هؤاؤه مسمومٌ بالحرّيّة.
وستختنقون بهوائه.
ستختنقون، أيّها الطغاة العبيد، بهواء الحرّيّة!
الكتاب والصحافي عقل العويط