في صبيحة اليوم ال1192 على بدء ثورة الكرامة

فيما تنهار أكثر فأكثر قيمة الليرة ومعها القدرة الشرائية ويحلق سعر صرف الدولار ويلامس ال50 ألفاً.. يواصل مجلس النواب الفاصل التشريعي الأخطر لوضع اليد على أصول الدولة وتبديدها تحت شعار شعبوي إسمه "قدسية الودائع"! شعار خطير يساوي بين ودائع صغيرة ومتوسطة هي قرش أبيض وجني عمر وتعويض نهاية خدمة.. وودائع بالمليارات متأتية عموماً من تبيض أموال وعمليات سواب وهندسات مالية.. حسابات ينبغي أن تخضع لتحقيق جنائي لمعرفة مصادرها، بحيث وحده التحقيق الحقيقي والجنائي الجهة التي تحدد أهلية الودائع التي ينبغي الحفاظ عليها، وهذا التحقيق يرسم المسار الحقيقي للبت بالخسائر والمسؤوليات!

2- التحقيقات المستمرة في جرائم مالية من  تبيض وإختلاس جرت في أوروبا، بدأت تشد الحبل حول رقبة رياض سلامة المتهم بأكبر عمليات إحتيال وإختلاس، عندما بلورت جانباً منها هو الذي بدأه سلامة منذ العام 2002 مع شقيقه رجا ومن خلال شركة "فوري"، وبدأت التحقيقات تطل على أدوار العديد من أركان الكارتل المضرفي الناهب..تقدمت معطيات عن إعتزام المدعي العام رجا حاموش الإدعاء على سلامة، إستناداً إلى ملف التحقيق الذي قام به القاضي جان طنوس في أيار الماضي، وكان النائب العام الإستئنافي غسان عويدات، قد أحاله إلى القاضي زياد أبوحيدر للإدعاء على سلامة فإمتنع الأخير..فإن التوقيت تطرح أسئلة عما إذا كان هذا الإدعاء المحتمل،سيفضي إلى تجميد التعاون مع البعثات القضائية الأوروبية الى حين الإنتهاء من الإطلاع على الملف؟!
المنحى وارد وقد يكون خشبة خلاص لعرقلة التحقيقات الخارجية، والأيام القليلة الآتية من شأنها أن تقدم الأجوبة، على ما يمكن للتحالف المافياوي المتسلط أن يقوم به قضائياً، توازياً مع منحى يتقدم نيابياً لوضع تشريعات فاسدة تخدم النافذين الناهبين وسياسة إرتهان البلد وخطف الدولة!

3- توازيا تنعقد اليوم جلسة نيابية جديدة شكلاً مخصصة لإنتخاب رئيس جديد، وواقعياً جلسة لتمرير الوقت، لأن النوايا ثابتة بتطيير النصاب ومنع إنتخاب رئيس جديد! ولا يعول على ما سيتخذه الفريق الباسيلي من مواقف من شأنها إضعاف حاصل الورقة البيضاء، وتقدم حاصل المرشح ميشال معوض، لبناء أوهام تذوبع في بعض الرؤوس، حول إمكانية إنتخاب رئيس جديد! أكيد سيسعى باسيل كما يفكر إلى حفظ "ماء الوجه" بعد الصفعة الحكومية التي حجمت نهجه!
ثابت أن توازنات البرلمان لا تسمح لأي فريق بإيصال مرشحه، والنقاش المتقطع في الغرف المغلقة بشأن التسوية لم يبلور البديل، كما أن الرهان على صلات خارجية لم يبلور أي منحى ملموس(..)، في هذا التوقيت يتظهر أكثر موقف حزب الله، النجم الرئيسي في عملية التعطيل، فيبدو أن الحزب متمسك بمرشحه ولا يرى أي حرج. ووفق (الأخبار): "لا يجد حزب الله نفسه محرجاً أو مقيداً بمدة معينة ترغمه أخيراً على الإستدارة عن خياره الحالي، أياً تطلب زمن الإنتظار، سنتان ونصف سنة أو أكثر، سيتمسك بترشيح فرنجية إلى أن ينتخب"! ولمن يريد توضح (الأخبار) أكثر أنه تأسيساً على تجربة ميشال عون في بعبدا "صار حزب الله معنياً بالرئاسة المقبلة أكثر من ذي قبل. هي كسلاحه ورئاسة البرلمان أحد مقومات الإستراتيجيات الحتمية للمقاومة"!
مرة أخرى، ما يشهده البلد يعود لخلل وطني في ميزان القوى، وارتياح حقيقي لأطراف نظام المحاصصة من جانب "معارضة" النظام كما "موالاته" فجل صراعاتهم تندرج في سياق تحسين الأحجام والأدوار..واطلعوا من حكايات "الإستقلالية" و"السيادية"!! ويعود هذا الوضع أيضاً إلى غياب الرؤية والرؤى لدى أكثرية النواب الذين أوصلتهم الثورة، فيبددون زخماً جماهيرياً، (350 الف ناخب)، إقترع للتغيير ولم يقترع حتما لأيٍ من وجوه نظام المحاصصة سواء كان إسمه ميشال معوض أو صلاح حنين أو حتى سليم إده! وعوض المضي في ترشيح د. عصام خليفة والبناء على هذه الخطوة لتحفيز نهوض شعبي، هو الضرورة من أجل المضي في منحى تعديل ميزان القوى في البلد، يستمر بعض هؤلاء النواب في ممارسة التذاكي لتغطية نهج إلتحاقي متنكر لرغبات الناس ومصالحها! ونرى بعضهم ينتقد بشدة منحى "قدسية الودائع"، وهي فلسفة نبيه بري المفضية لوضع اليد على الذهب وكل أصول الدولة للمضي في المنهبة، وقد تم تبني هذه الفلسفة، في تلك الوثيقة الخطيرة التي كان المرشح الرئاسي ميشال معوض بين أبرز وجوهها، فيستمر بعضهم في الإقتراع رئاسياً لمعوض؟ فيما يبلغ التذاكي الذروة بالحديث أن زمن صلاح حنين قد حان! هزلت!

4- وبعد، اللقاء أمام المجلس النيابي النيابي اليوم له أكثر من نكهة. إنه لقاء للتمسك بالحقيقة والعدالة ولقاء للتأكيد على حق لبنان بقضاء عادل ومستقل يفرج عن التحقيق في جريمة العصر: تفجير المرفأ وبيروت. إنه لقاء لتأكيد رفض المنحى البوليسي الذي شهده البلد في الأيام الماضية، وقد تأكد أن إستهداف أهالي الضحايا يراد منه تطويع كل اللبنانيين. اللقاء الذي تم التداعي إليه اليوم، ينبغي أن يندرج في إطار تحركات شعبية تحددها الظروف وأوضاع كل منطقة، والتي لم يعد من بديل لها، لأنها الضرورة لنصرة كل اللبنانيين التواقين لكسر الحلقة الجهنمية التي تمعن في إنتهاك الحقوق والكرامات!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب والصحافي حنا صالح