في صبيحة اليوم ال1205 على بدء ثورة الكرامة
يبدأ اليوم الشهر الرابع على الشغور في رئاسة الجمهورية. إستبدل رئيس مجلس النواب جلسات الإنتخاب المفترض أن تكون مفتوحة ومتتالية ببعض الإتصالات، فيما يقوم حزب الله بنشاطٍ محموم لجرد الأصوات المؤيدة لفرنجية، فإذا ما ضمنوا ال65 صوتاً يعملون لتأمين نصاب ال86 لإنتخاب مرشح الممانعة!
توازياً يدخل لبنان اليوم مرحلة مالية جديدة مع رفع سعر الصرف الرسمي للدولار من 1507 ليرات إلى 15 ألف ليرة، ويدعي منفذ المنهبة الملاحق دولياً رياض سلامة أن الخطوة تصب باتجاه توحيد سعر الصرف! لكن بالمضمون هي مرحلة تعبر عن تفاقم الإنهيار، والإمتناع عن أي محاولة لكبحه فتستمر الهندسات والبهلوانيات من جانب سلامة، في تخلٍ كامل عن المسؤولية من جانب حكومة الثورة المضادة، وحفلة "كوما" وتنكر لمصالح اللبنانيين يعيشها مجلس النواب. والأرجح أن الخطوة الجديدة ستزيد من حجم الكتلة النقدية ما يعني مزيداً من الإنهيار في قيمة الليرة وارتفاعات متتالية في سعر صرف الدولار!
إذن يدخل لبنان اليوم الشهر الرابع على بدء الشغور في رئاسة الجمهورية ولا سقف زمنياً لسياسات التعطيل، والمضي في تجويف المؤسسات وتهميش السلطة. التردي العام الذي كسر كل التوقعات، هو النتيجة الطبيعية لتسلط على لبنان واللبنانيين من قوى يقودها حزب الله ربطت لبنان بأهداف مشبوهة تخدم محور الممانعة والطموحات الإمبراطورية لنظام ملالي طهران!
بهذا السياق لا يبدو أن ما أسمي "مبادرة" جنبلاطية لكسر جدار التعطيل ستصل إلى أي مكان، فالثنائي المذهبي لم "يساير" جنبلاط في ترشيح قائد الجيش بل وقف خلف "تعذر" التعديل الدستوري المطلوب. مع العلم أن "مبادرة" جنبلاط بالغة الخطورة لأنها تعزز منحى أن الرئاسة ستكون معقودة لكل مقيم في اليرزة! والواضح أن حزب الله بعد تجربة عون في بعبدا يريد إستنساخ هذه التجربة من خلال سليمان فرنجية، الذي يضمن له الغطاء للسلاح، والمضي بالنهج إياه إختطاف الدولة وإحتكار قرارها. هناك 3 ثوابت لدى حزب الله تتقدم ما عداها، وهي إلى عدم المساس بالسلاح اللاشرعي الحفاظ على رئاستي مجلس النواب ورئاسة الجمهورية، وكل كلام آخر منافٍ للحقيقة ولما يسعى حزب الله لجعله واقعاً!
من الرئاسة والفراغ المقيم في السلطة الإجرائية، إلى العدالة للبنان ولضحايا والإنقلاب القضائي على الحقيقة في جريمة تفجير المرفأ وبيروت، مروراً بالإنهيارت التي تشد خناق اللبنانيين، والمضي بحكم البلد بالبدع مكان الدستور، ما كانت كل هذه الإنهيارات لتكون لولا الخلل الوطني في ميزان القوى. وعبث كل تفكير يظن أصحابه، ومنهم من هم من أصحاب النوايا الطيبة، أن هناك قوى مجلسية يمكن أن تساهم في إستعادة التوازن وتعديل الوضع الراهن. كلهم في مركب نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي وكل السياسات التي يتبعونها لا تخرج عن منطوق تجديد هذه المحاصصة. فالبلد وأهله ومستقبله لا يعادل شيئاً في ميزان الحصص والمصالح الضيقة ل"معارضة" النظام كما "موالاته".
ليكن معلوماً. "الحصانات" إستمرت لأن للجميع مصلحة بها، و"الإفلات من العقاب" مستمر لأنه يتوافق مع السياسات المقررة.. والممنوع اليوم ليس المحاسبة ومعاقبة الجناة بل مجرد المطالبة بالحقيقة.. سواء من المنهبة إلى جريمة العصر. هندسات سلامة ستؤدي لمزيد من الإفقار ولن يتوان المتسلطون عن نهجهم ولو إقتضى الأمر قتل الضحايا مرة ثانية وإرسال أهل الضحايا إلى السجون! البديل المطلوب القطب الشعبي البديل الذي يحاصر المتسلطين ويكسر هذه الحلقة الجهنمية. البديل المطلوب هو ما يمكن أن يستعيد الناس إلى الفعل السياسي من خلال تنظيم تشريني (وتنظيمات) حتى يكون متاحاً الدفع بقوة لبقعة الضوء التي حملتها الثورة لمحاصرة الظلام والظالمين!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح