في صبيحة اليوم ال1218 على بدء ثورة الكرامة
قبل 18 سنة إغتيل رفيق الحريري في قلب بيروت. إغتياله وجه رسالة للبنانيين بأن الحرب التي بدأت عام 1975 لم تنته، ليشهد لبنان نسخة جديدة من هذه الحرب، عنوانها العوز والمجاعة والإذلال وإنهيار مقومات البلد الصحية والتربوية والقيم الكبيرة والدفع إلى إنعدام الدولة نتيجة سياسة مبرمجة جوفت المؤسسات وفرضت شغوراً مديداً في الرئاسة وفراغاً مقيماً في السلطة! وتأسيساً على هذه الإستباحة تبين أن أولويات نظام الإستبداد حماية السارقين ومنح الحصانة لمتهمين ومدعى عليهم في جريمة الحرب ضد لبنان: تفجير المرفأ وبيروت! وهو الأمر الذي من أجله أطلوا ببدعة "تشريع الضرورة" وقد سقطت جلسة الإستقواء وما حملته من مخاطر!
وصل لبنان إلى هذا الدرك، إلى زمن حكام يهددون شعبهم بالتهجير ويتباهون بإرسالهم إلى الجحيم، لأن المسار الذي صنعته "إنتفاضة الإستقلال" عام 2005 تم كسره بسرعة من جانب متزعمين طائفيين خافوا من شعبهم المطالب بالعدالة وتساوي الفرص والديموقراطية التي لا يمكن أن تضمنها إلاّ الدولة الحديثة العلمانية، فقفذوا إلى الإتفاق الرباعي وإلى تجديد نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي وتم لي عنق الدستور فيما كانت الفرصة متاحة للبنانيين لإنهاء الخلل الوطني بموازين القوى، بعد كل ذلك لم يكن مستغرباً ذهابهم إلى إنتخاب ميشال عون مرشح حزب الله رئيساً، فتشاركوا الآخرين نسبياً في موبقات عهد جهنم الآفل! لأنهم كانوا أحد فريقي التسلط الذي إستثمر في الإنقسام الطائفي وتغذية الضغائن والنوم طويلاً في سرير حكومي واحد مع من يفترض أنهم على خصومة معهم!
اليوم بعد 18 سنة، تبدو الحريرية خارج الحسابات الجدية، ولا يعول على مسيرة دراجات وزيارات مجاملة من مراهنين. والأكيد أن الطائفة – الأمة المعتدلة التي برزت في كنفها الحريرية، ستنجب حالات أخرى، قالت الإنتخابات النيابية - رغم فجور قانون الإنتخاب الذي مذهب الإنتخابات- أن التعددية آتية، وهذا أمر بالغ الإيجابية، ولن يقتصر على حالة جهوية أو طائفة.
لقد جددت ثورة 17 تشرين 2019 الأمل، عندما عاودت إبراز النسيج الوطني الأصيل للبنانيين، وما تصويت 335 ألف لبنانياً عقابياً وللتغيير إلاّ التأكيد على ما يريده الشعب اللبناني، الكامن والمستعد لتجديد الثقة عندما يلمس حقيقة ما يشجع على المضي بعيداً في المواجهة لإستعادة الدولة المخطوفة واستعادة الدستور والمؤسسات..وكل ذلك بات رهن إبتداع وسائل كفاحية للبنانيين، تقوم على خلق تنظيم سياسي أفقي مختلف، يحاكي الشجعان الأحرار الأفراد، الذين صنعوا ثورة تشرين وبلوروا أهدافها، وأهمها مرحلياً إعادة تكوين السلطة، وهي المهمة التي لا يمكن النهوض بها إلاّ على أيدي حكومة مستقلة تفرضها "كتلة تاريخية" شعبية شبابية نسائية عابرة للمناطق والطوائف.
اليوم 14شباط كرة الإنهيارات تندفع دون كوابح وسعر صرف الدولار لامس أمس ال70 ألف ليرة، والإشتعال هستيري بأسعار الوقود والأدوية وكل السلع الغذائية، عندما جعلوا الليرة التي كانت، لا تساوي اليوم "قشرة بصلة" كما يردد الناس! كل هذه الإنهيارات مبرمجة ولها أم وأب في منظومة النيترات المتسلطة التي يقودها حزب الله، التي ستعاود محاولات قوننة العفو عن الجرائم المالية وحاصرة الحقيقة وحجب العدالة ولن تتوقف عن التمسك بنظام الحصانات وقانون الإفلات من العقاب!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والصحافي حنا صالح