في صبيحة اليوم ال1233 على بدء ثورة الكرامة
إستيقظوا، لقد ادخلوا البلد في متاهة خطيرة، أدخلوه مرحلة الإبادة الجماعية!
إنهيار الليرة متواصل وسعر الصرف لامس ال90 ألفاً للدولار الواحد، والمسافة الفاصلة عن محطة ال100 ألف ليرة قصيرة جداً! ولبنان إلى التضخم الأعلى عالمياً مع قرارات تعسفية بدولرة السلع!
وحكومة "الثورة المضادة" مستنفرة لحماية مصالح كارتلات الإحتكار، وتمويل سياسات الهدر والدعم للقوى الطائفية المتسلطة، فأعلنت بشحطة قلم من نجيب ميقاتي رفع الدولار الجمركي، بدءاً من صباح اليوم الأربعاء أول آذار، من 15 ألف ليرة إلى 45 ألفاً! فقد ورد بالحرف:"بناء على توجيهات السيد رئيس مجلس الوزراء..وبما أن مجلس الوزراء بموجب قراره..فإن السيد رئيس مجلس الوزراء يبدي عدم ممانعته"..هكذا إتخذ قرار رفع الدولار الجمركي دون أي تبصر بالنتائج المترتبة عليه والذي سيتبعه حتماً إستيفاء ضريبة القيمة المضافة على سعر 45 ألفاً! هكذا يدير البنكرجي الأول الدولة اللبنانية!
وفي ظلِّ تسلط حكومة "الثورة المضادة" يستمر سحب الودائع على سعر 15 ألف ليرة للدولار، أي مع هيركات يتجاوز ال83%، كي يتمكن الكارتل المصرفي الناهب من تذويب بقية الودائع، وإطفاء الخسائر الناجمة عن نهب جني أعمار الناس، وكل ذلك تلبية للسياسات المالية المدمرة التي يقف خلفها رياض سلامة المطلوب من القضاء بتهم الفساد وتبيض الأموال والإثراء غير المشروع، والملاحق دولياً بتهم إرتكاب جرائم مالية في أوروبا!
2- وإذا كان ما يجري يوازي في جوهره حكم بالإعدام مرفوع بوجه أكثرية اللبنانيين، فإن ما يوازيه كذلك هو إنكشاف الإنقسام الطائفي والمذهبي الخطير الذي شهده المجلس النيابي يوم أمس. لقد إستدرج الثنائي المذهبي حزب الله وحركة أمل، بممارستهما الطائفية، فيتو طائفي برز بقوة في جلسة اللجان المشتركة، وتمثل بموقف مشترك من جانب كتلتي التيار العوني والقوات وإلتحق بهما حزب الكتائب، قضى بالإنسحاب من الجلسة وتعطيلها، على خلفية الزعم أن مشاريع القوانين المحالة إلى البرلمان يجب أن تحمل تواقيع كل الوزراء وإلاّ تكون غير دستورية! طبعاً هذه هرطقة لا مكان لها في الدستور، وتعدُّ ملاقاة بري ببدعة شبيهة بالبدع التي يلجأ إليها!
لا قيمة دستورية لمزاعمهم، فكلهم متهم بالإستثمار في الإنقسامات الطائفية والمذهبية لحرف أنظار الناس عن أسباب الوجع الحقيقي ومسببي الوجع. لقد فقدت الطبقة السياسية كاملة، أهليتها وصلاحيتها الوطنية، وهي مسؤولة عن العقم الذي تعيشه "معارضة" النظام و"موالاته". والأمر الخطير أن هذا الأداء سيفضي إلى إتساع دوامة الدمار الدستوري والشلل التام، والإبتعاد كلية عن أي إمكانية لكبح الإنهيارات المتدحرجة! إن المخطط الطائفي مدمر، أول ما يستهدف الحد من إمكانيات فتح مواجهة إجتماعية مع قوى الإستبداد والتسلط والنهب والإرتهان للخارج، بالدفع إلى تفجير طائفي تتلطى خلفه قوى الإستبداد لتجديد المحاصصة!
ما جرى في اللجان النيابية مؤشر على تقدم تفكك خطير، بتحريك مبرمج للإنقسامات الطائفية بين أطراف الطبقة السياسية المنعدمة الأخلاق، التي أحلّت بالبد الخراب والتفاهة والتناحر، وكل ذلك معطوف على إرتباط بالخارج، متفاوت بالتأكيد لكنه موجود بهذا القدر أو ذاك! كلهم يتحينون الفرصة للإنقضاض على المواطنين الذين تجاوزوا الإنقسامات الطائفية والمناطقية في ثورة "17 تشرين" يوم حددوا المسؤوليات، وأكدوا أن الطبقة السياسية كاملة هي المسؤولة عن إنتهاك حقوق الناس وإرتهان البلد، وقالوا سنحاسب ولنا حقوق سوف نستردها..
لكن، ما يدعو للأسف، غياب "تكتل التغيير" وغربته وعجزه عن تقديم قراءة متأنية للصراعات الطائفية الفوقية بين "معارضة" النظام و"موالاته". يستخف نواب التكتل بوزن وتأثير التكلة الشعبية الهائلة التي صوتت عقابياً ضد كل الطبقة السياسية عندما إقترعت للتغيير وأوصلتهم إلى البرلمان، ويذهب بعضهم لتكرار كليشهات مفادها أن الحل بإنتخاب رئيس سيادي إصلاحي إلى آخر المعزوفة .. عظيم! خبرونا أيها الجهابذة كيف سيتأمن هذا الهدف وبأصوات من؟ ويتناسى أصحاب الكليشهات أنهم بمثل هذا الطرح يتوجهون إلى قوى مطعون بأهليتها الوطنية، ليطالبونها بتنفيذ هذه الرغبة، ويتعامون عن الخلل الوطني بميزان القوى، وعن دور مطلوب منهم كمساهمة في السعي لإسترجاع المواطنين إلى الفعل السياسي.. ليكون متاحاً بنسبة ما الحد من رعونة الكثير من النواب!
3- الوضع السريالي الذي يمر به البلد توجه دخول مدعي عام التمييز على خط دعم جبهة حماية الكارتل المصرفي، وهي الجبهة التي تصدرها رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير داخليته، بإصداره مذكرة تمنع الملاحقات القضائية، وتتمحور حول مسألة كف يد مدعي عام جبل لبنان غادة عون عن الملفات المصرفية! فقد طلب عويدات من عون وقف إجراءاتها التحقيقية مع عدد من المصارف "موقتاً" إلى حين البت بالقضايا المثارة! إنتباه لم يقل عويدات أن الملاحقة القضائية غير صحيحة لكنه قال "مؤقتاً" ما سيعني دائماً لأن الهيئة العامة لمحكمة التمييز معطلة إلى أجلٍ غير مسمى الأمر الذي سيحول دون بت "القضايا المثارة"!
لقد إنوجدت النيابة العامة لملاحقة الجريمة دفاعاً عن المجتمع- يقول القانوني نزار صاغية- "إلاّ في لبنان وضعت في يد شخص واحد موالٍ للنظام هو النائب العام التمييزي ليدافع عن النظام ضد المجتمع وضمناً عن نظام إفلات الحاكم من العقاب"!
موقف عويدات هللل له ميقاتي وإعتبره "خطوة أساسية على صعيد معالجة الخلل القضائي"!!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والصحافي حنا صالح