في صبيحة اليوم ال1237 على بدء ثورة الكرامة

لا أولوية لدى أطراف نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي تفوق سعي كل فريق لرئاسة تخدم مصالحه الضيقة!
كأن كرة الإنهيارات القاتلة التي حاصرت اللبنانيين بالعوز والجوع، وآخرمآثرها "إنتحار" حسين مروة(41 عاماً) في بلدته الزرارية، تتم في بلدٍ آخر! ورغم أن العوز يطال أكثر من 80% من اللبنانيين، يتم إحكام حصار الضرائب والرسوم على المواطنين، ما رفع تكلفة الخليوي والكهرباء والمحروقات بشكل مخيف! وإنعدمت القدرة على الإستشفاء، ويتم تدمير التعليم الرسمي، بما يعني شطب القيمة المضافة الحقيقية التي ميّزت لبنان..رغم ذلك إن أولوية منظومة النيترات حماية كارتلات النهب، وأبرزها الكارتل المصرفي، فتبتدع الأساليب التي تستكمل تذويب الودائع بتحميل المواطنين عموماً والمودعين خصوصاً ثمن المنهبة!
كل هذا التدهور، ما كان ليتفاقم بهذه السرعة لولا إسلاس قرار البلد لحزب الله الذي تغول على الدولة، وراح يعزز اسس الدويلة البديلة، ويرفض "إخلاء سبيل" رئاسة الجمهورية، بعدما قبض على قرارها في عهد جهنم الآفل، ويضع البلد اليوم أمام خيار إمّا الشغور الدائم في الرئاسة، أو الإنصياع بقبول بقاء الجمهورية تحت قبضة رئاسة شكلية، يبقى قرارها الفعلي بيد حزب الله، ما يعني تمديد العهد العوني من خلال ترئيس ممثل "الخط" سليمان فرنجية!
على الأرض يبدو أن التعادل السلبي هو سيد الموقف فلا "موالاة" النظام ولا "معارضته" في الموقع القادر على الفرض، والحديث "الأنبوبي" لرئيس المجلس تأكيد على مأزق فريق الممانعة، وبعض الردود تثبيت لمأزق الآخرين، كما أن ما يرشح من رهانات قوى الإستبداد على الخارج لا تبدو في مكانها الصحيح . ليست المنطقة في سياق تحولات وتسويات يكون لها تداعيات وإنعكاسات على لبنان، فالقوى العالمية الفاعلة منخرطة جميعها في الحرب الأوكرانية، التي لا مؤشر بعد لوقفها ولا معطيات عن أي منحى لتسوية توقف أخطر مقتلة، وأولويات البشرية درء تداعياتها والتخفيف من الأعباء المترتبة عنها على المحروقات والسلة الغذائية والبيئة، وما حدن يخبرنا أن بلد "الكم أرزة العاجقة الكون" يُشغل طاولات القرار العالمي!
غير أن ما يستدعي وقفة جدية ربما يتنبه لأبعادها أولئك الذين قفزوا فوق رسالة الإنتخابات، وتجاهلوا تأثير التصويت العقابي بوجه كل الطبقة السياسية، الذي مارسه مئات ألوف الناخبين، فأوصلوا تكتلاً نيابياً حمل إسم التغيير، فكانت النتيجة حرمان حزب الله أكثريته ومنع معارضته من الحصول على الأغلبية..
ما حدث مهم بالفعل، لكنه يستوجب وقفة متأنية أمام مأزق هذا التكتل المتأتي عن الأداء الهزيل للنواب ال12، الذين تجاهلوا برعونة الإستناد إلى كتلة شعبية وازنة، والإستثمار في توق اللبنانيين للتغيير. قال اللبنانيون في صندوق الإقتراع إن التغيير ممكن ، ولا مستحيل بعد ثورة "17تشرين". ربما كانت الآمال التي وضعت على هذا التكتل كبيرة، لكن الفشل والغربة عن وجع الناس وقضايا البلد الأكثر إلحاحية، ليست فشلاً للسياسة التي أوصلت هؤلاْ، بل الفشل لأسماء بعينها. لقد آن أوان إطلاق موجة جدية تستعيد الناس إلى السياسة والفعل السياسي، حتى يستعيد المجتمع اللبناني حيويته ويطوي مظاهر اليأس التي لا يمكن إنكارها!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكتاب والصحافي حنا صالح