في صبيحة اليوم ال1245 على بدء ثورة الكرامة

لأن الطبقة السياسية التي نُكب بها لبنان محترفة في إبتكار أساليب مخيفة في ممارستها اللصوصية والقتل والتبعية والإرتهان للخارج، فإن ممارستها السياسة تندرج في السياق الذي تجيده كزمرة مافياوية من لعيبة "الكشاتبين"!
كل القراءات المتأنية للإتفاق – الحدث، السعودي الإيراني مع شراكة صينية عميقة، يؤكد أن المصالح هي الأساس وهي ما حتّم هذا الإتفاق. فقط ينبغي التنبه، إلى أن طهران دأبت منذ أشهر على إطلاق دعوات المصالحة مع الرياض، بعدما أنهك الحصار الشعبي الداخلي حكم الملالي، وأقفلت العقوبات الخارجية عليها كل المنافذ، وهي تنطلق من معطى محوري يحدد سياسات الدول بتأكيده أن أولويات المصالح الإستراتيجية المرتبطة بنظام الملالي لم تكن خافية، فعملت عليها بدقة القيادة الصينية الشريك الإقتصادي الأبرز لطهران. وأليس لافتا أن يستعيد الريال الإيراني بعض قيمته فور إعلان الإتفاق.
المصالح المباشرة التي يدركها جيدا الخامنئي تتجاوز نطاق تمنيات أتباعه، خصوصاً في الأذرع العسكرية التي أنشأتها من اليمن إلى لبنان ومروراً بالعراق، فإذا بزعيم الحوثيين يمتدح السعودية، فيما الصمت المطبق عقد ألسن كافة قادة "الحشد الشعبي" العراقي!.. ما يعني أن لطهران أولويات أكبر قليلاً من حجم أجندة "الثنائي المذهبي" حزب الله وحركة أمل ومن يدور في فلكهما..لذلك أرادوا صب الماء في نبيذهم أم أبوا، فإن النصيحة المسداة لسليمان فرنجية بالإمتناع عن إعلان الترشح هي ما يحفظ له بقية من ماء الوجه!
والأكيد هناك مصالح سعودية معلنة هي الإستقرار المستدام في منطقة الخليج التي تشهد نهضة لافتة، وتتطلب الواقعية في أي تسوية، وهي أيضاً اليمن واليمن، (والآن الأنظار على جنيف حيث تم إستئناف المفاوضات بين الشرعية اليمنية والمتمردين الحوثيين)، وهي أيضاً الممرات المائية وأمن النفط، وهنا تكمن أولوية صينية لا ينبغي أن تغيب عن بال أحد. فقد طوى الإتفاق من الآن كل إستهداف لناقلات النفط وممراته، فالصين هي المستورد الأول لنفط الخليج وخصوصاً من السعودية وإيران.
ولبنانياً فإن ما تقوله السعودية لافت، وهو أن الإتفاق لم يعالج كل الخلافات، وتأسيساً على ما أعلنه وزير الخارجية السعودي فإن ترشيح سليمان فرنجية سيكون أبرز ضحايا الإتفاق، لأن الرياض التي قالت ان من مسؤولية اللبنانيين إنقاذ بلدهم، وأبلغت من يعنيهم الأمر رفض وصول سليمان فرنجية إلى القصر.. ولا يعني ذلك أي ترحيب بوصول ميشال معوض..
الأكيد سيشدد بري في طالع الأيام على الحوار للتوافق على مرشح، والأكيد أن "معارضة" النظام كما "موالاته"، سيذهبان إلى إلتقاط فرصة التوافق على المرشح الثالث الذي كأكثر الأسماء المطروحة لا يحمل أي رؤية أو برنامج يكون العنوان لكي تستعيد الرئاسة دورها ووهجها في توجيه البوصلة السياسية لإنتشال البلد.. فجلجلة اللبنانيين ما زالت طويلة مع الخلل الوطني المستمر في موازين القوى وفجور القوى الطائفية المتسلطة، لأن أولويتها مصالحها الضيقة وترميم نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي معدلاً!

2- ولأن الحديث عن لبنان المنهوب والذي تم إفقاره عمداً وتجويع أهله فإن الساعات الماضية شهدت إنهيار مصرفين في أميركا الأول عمره 40 سنة "سيلكون فاليه" والثاني "سيغنتشر"، وفي المصرفين ودائع تفوق ال250 إلى 300 مليار مليار دولار، فتحرك القضاء الاميركي وتم تسليم إدارة المصرفين لجهات رسمية حددها القانون ( المؤسسة الإتحادية للتأمين على الودائع)، وقالت وزارة الخزانة الأميركية انه سيتم تعويض كل المودعين وأن "دافعي الضرائب لن يتحملوا أي خسائر !
نعم هناك مسؤولية على القضاء ومن خلفه حيوية المجتمع. لقد آن الأوان عندنا لإنتفاضة قضائية عنوانها تطبيق القوانين التي أقسم عليها القضاة لا أكثر.. نسوق ذلك عشية وصول المحققين الأوروبيين الذين سيحضرون جلسات إستجواب رياض سلامة المتهم بغسل الأموال والسطو على المال العام والودائع، وكل ما يطفو على السطح من أخبار لإنها تدور حول مساعٍ وبدع لتبرئة سلامة، الذي كان ينبغي أن تتم تنحيته من لحظة توجيه الإتهام ..ومعه كان ينبغي توقيف أركان الكارتل المصرفي الناهب من لحظة إمتناع البنوك عن الدفع تطبيقاً للقانون. لقد وجدت القوانين لكي تطبق وليست وجهة نظر! لكن هذا الكارتل ماضٍ في نهج أخذ اللبنانيين رهائن طالما أن المتسلطين على الرقاب عتاة البنكرجية في البلد.

3- وبعد البعد
لا بديل عن هبة شعبية عنوانها الإمتناع عن دفع فواتير النهب والتنصيب لشركة الكهرباء!
نعم فواتير نهب من خلال رسوم همايونية عنوانها العداد وبدل التأهيل. وحتى يكون الأمر مفهوماً أضع أمام المتابعين فاتورة قيمتها الإجمالية 1243000ليرة ، قيمة الإستهلاك من أصلها 5233 ليرة، فيما بلغ صافي الرسوم قبل الضريبة المضافة مليون و109232 ليرة!
حكومة "الثورة المضادة" هي المسؤولة عن هذه المنهبة، ومجلس النواب خصم لمصالح المواطنين وحقوقهم، والأدوات الكفاحية التي يمكن لها أن تنظم تحرك الناس للمواجهة غير موجودة، لا نقابات ولا أحزاب سياسية. الشعب المتروك مطالب بابتداع خطوات تطلق حملة شعبية لكسر هذا الفجور.

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب والصحافي حنا صالح