تحتفل اليونسكو في الحادي والعشرين من آذار هذا باليوم العالميّ للشعر. حسنًا وشكرًا يا منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة على تذكيرنا بأنّ للشعر يومًا في روزنامة الموت والعربدة الأمميّة. 
لكنّ الشعر ليس بخير، أيّها العالم، ولا الشعراء. وأقول بقوّة إنّ الحقّ في ذلك لا تقع مسؤوليّته، لا على الشعر ولا على الشعراء.
إذ كيف يكون الشعر بخير، وكيف يحتفل بيومه، في حين أنّ القتل هو لغة العالم الوحيدة؟ 
أذكر القتل، ومعه جحافل الجوع والفقر والمرض والديكتاتوريّة والاستبداد والقهر والظلم والعنف والإرهاب والإحباط واليأس والمرارة والذلّ والمهانة والنهب والفساد، وجملةٌ ماحقة من أساليب معس الحرّيّة ومواهب الخلق والخيال والحلم.
الشعر مصلوبٌ على خشبة هذه العالم. تحت صليبه هذا، ألوفٌ مؤلّفةٌ من شعراء الكون المصلوبين الذين "يحتفلون" بمقتلة الحياة تحت مقصلة العدم والعبث والخواء وفساد الشرط البشريّ برمّته.
فلتذهب إلى الجحيم احتفالات اليونسكو، ومعها الأمم المتّحدة، ومجلس الأمن الدوليّ، والولايات المتّحدة وروسيا والصين وأوروبا والعالم الثالث والعالم العربيّ، وإسرائيل طبعًا وخصوصًا، بالتوازي والتضامن مع النظامين القهريّين الإيرانيّ والسوريّ، وكلّ ما يتصل بهذا القهر الكونيّ من المحيط (العربيّ) إلى الخليج- (العربيّ)، ومن الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب.
الشعر ليس في حاجةٍ إلى يومٍ ليُحتفى به. الشعر يبصق على هذا العالم. الشعر يحتقر هذا العالم وأربابه وقوّاديه وعصاباته ومافياته وحكّامه وجبابرته أجمعين.
الشعر أجملُ ما فيه أنّه حرٌّ. وأجمل ما في حرّيّته هذه، أنّ حرّيّته مطلقة، ولا سقف لها، ولا أيضًا سماء.
الحرّيّة تُقتَل كلّ يوم، وتعود تولد كلّ يوم. 
الحلم يُذبَح كلّ يوم، ويعود ينمو كلّ يوم. 
الشعر، لا أحد في مقدوره أنْ يغتال الشعر. وإن اغتيل، وهو يُغتال كلّ لحظة، عاد إلى لغته ليواصل كتابة الشعر: ليواصل كتابة نفسه.
لا أحد. لا أحد. لا أحد في مقدوره أنْ يطوّع الشعر، وأنْ يدجّنه، أو أنْ يلحق لغته بلغة هذا النظام الكونيّ، فيصير (أي الشعر)، ولغته، ملحقَين بهذا النظام الدنيء البشع الحقير السافل.
من حيث لا تصل يد الرعب والهول؛ من هناك تطلع لغة الشعر، جميلةً كأوّل الكون، كأوّل الفجر، كأوّل الحلم، كأوّل الحرّيّة، لتقول رفضها للغة الشرّ والسلاح والمال والتشييء والقحط. ولتقدّم مقترحها المضاد: لغة الحلم والحبّ والخلق والحرّيّة.
أيتّها اليونسكو، مشكورةٌ على يومكِ هذا. أمّا الاحتفالات كلّها فلتذهب إلى أكياس النفايات إلى المراحيض. ومعها آلهة هذا العالم.
هنا في لبنان خصوصًا، وعلى مدى الجهات الأربع من المعمورة.
يوم عالميّ للشعر... قال!!!

الكتاب والصحافي عقل العويط