في صبيحة اليوم ال1256 على بدء ثورة الكرامة
كانت بعثة صندوق النقد الدولي، التي إلتقت بهم جميعاً، تدق أخطر إنذار فاضحة أداء التحالف المافياوي المدمر للبلد منذ 4 سنوات، معلنةً أن"لبنان حالياً عند مفترق طرقٍ خطير، وبدون إصلاحات سريعة ستغرق البلاد في أزمة لا نهاية لها"..وكانت البعثة تفند إجراءات إجرامية ستؤدي إلى هبوط مستمر في سعر صرف الليرة، وتفاقم التضخم وتسارع الدولرة وتزايد الهجرة ولاسيما العمال المهرة ما سيقوض أفاق النمو!
وكانت مئات ألوف العائلات تجهد لتأمين تكلفة صحن الفتوش..وكان مئات الألوف يتوزعون الصور المعيبة عن نجاح المتسلطين، قوى الإستبداد في زجّ عسكريين في ممارسات مشينة ضد عسكريين متقاعدين، ويتسع التساؤل عن مدى قبول القيادات العليا لمثل هذا السلوك، والبلد لن ينسى الإجرام الذي أطفأ عيون المئات من التشرينيين ممن إرتكبوا ذلك الجرم: لنا حقوق على الطغاة ولن نسامح وستدفعون الثمن..
في هذا التوقيت ضرب ضربته ثنائي نظام المحاصصة الغنائمي، بري وميقاتي، الذي يقود دفة السلطة الآن، نيابة عن حزب الله الجهة المقررة وأطراف نظام الحاصصة الطائفي، من "معارضة" و"موالاة". فقرر فتح بازار طائفي مقيت ومضر إرتبط بتأخير الدوام الصيفي إلى ما بعد نهاية شهر رمضان! فتتطاير تبادل الإتهامات الطائفية، وتراجعت أولوية إتهام المتسلطين بانعدام القدرة على تأمين موجبات صحن الفتوش، والقدرة على تأمين موجبات السحور، بعد تراجع موجودات مائدة الفطور وإنعدام تنوعها..ومسؤولية المتسلطين الفاجرين عن الإذلال الدائم للناس، الذين حرموا الرغيف والدواء والإستشفاء والتعليم والعمل!
"أم المعارك" الطائفية التي فتحها ثنائي الحكومة والبرلمان، يراد منها طمس ما أعلنته بعثة صندوق النقد، وبينها دور مقيت مارسه المجلس النيابي في تشريع قوانين تحمي الناهبين وتمنع هيكلة مصارف مفلسة (قانون رفع السرية المصرفية)، وسينسى الناس سؤال جان العلية (رئيس الشراء العام وسائر المناقصات) عن عنوانه ودوره أمام الفضيحة، لا بل الجريمة، المرتكبة من وزير الأشغال بموافقة البنكرجي الكبير، التي قضت بإبرام عقود بالتراضي بأرقام قد تبلغ 200 مليون دولار، ل"تطوير" مطار بيروت الدولي، بغياب كامل للمناقصات والشفافية، وبالعودة إلى قانون بالٍ وضع عام ال74 للإحتماء به..، فيما القاصي والداني يعرف أن شبهة كبيرة متأتية عن مثل هذا العقد، تكمن في تأمين تمويل إضافي لدويلة حزب الله وميليشياتها و"قرضها الحسن"..إن الأولوية الوطنية للبنان تأمين مطار آخر وهو موجود، إنه مطار القليعات في عكار، دون إسقاط أولويات تحسين الوضع في مطار بيروت وخصوصاً الوضع الأمني في محيطه!
وبعد، ومع إنشغالهم بزيارة الموفدة الأميركية، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف ومن ستلتقي ومن لن تلتقي، فإن ما تحمله لا يخرج عما قاله اللقاء الخماسي في باريس، وبالأخص رفض ا أميركي للطرح الفرنسي – الممانع، حول المقايضة الرئاسية، فرنجية – سلام، التي تم تصنيعها في بعض دهاليز الممانعة وتبنتها باريس لأن هاجس الأخيرة يبقى: توتال، والمرفأ وما يستجد، وليس أفضل لحماية ورعاية مصالحها من إستمرار مثل هذه التركيبة!..فإن جملة عناوين طرحها رئيس بعثة صندوق النقد ينبغي أن تبقى ماثلة في الأذهان وينبغي التركيز عليها لفضح النهج المصر على إبقاء لبنان واللبنانيين في الجحيم!
- قانون السرية المصرفية كما أُقر ليس صالحاً ولا يسمح بأي هيكلة للمصارف المفلسة. ومشروع قانون "كابيتال كونترول" لا يحمي الودائع ومتضارب مع الأسس التي نوقشت مع صندوق النقد. إن المطلوب الإعتراف بالفجوة المالية الكبيرة في القطاع المصرفي ومعالجتها بصدقية. مطلوب الإعتراف بالخسائر التي يتكبدها البنك المركزي والمصارف التجارية، وتوزيعها، بحيث يتم حماية صغار المودعين وتحميل المصارف وكبار المودعين هذه الخسائر.
- إن طرح إستخدام أصول الدولة لإطفاء الخسائر( صندوق لإستثمار أصول الدولة وموجوداتها، وهناك جديد وهو مشروع بهذا الإتجاه قدمه حزب القوات اللبنانية)، وبهدف ردِّ ودائع لكبار المودعين، مصدر قلق كبير لأنه يضرب العدالة بين اللبنانيين ويشطب حقوق الأجيال المقبلة إن إعتمد ذلك.
- الإحتياطات تتآكل وفي أيلول المقبل قد لا يكون لدى لبنان عملات أجنبية لتبديدها، أنتم إقتربتم من مرحلة الفوضى الإجتماعية. الأن نحن قلقون من ألاّ تستطيعوا تمديد إتفاقات دعم رواتب القوى العسكرية والأمنية! ..إلى التحذير المتكرر من المضي بتحميل صغار المودعين الأوزار الناجمة عن السرقة.
- الإنهيار يضرب المالية العامة لجهة الإيرادات والنفقات، وتعددية أسعار الصرف، والمضاربات السارية نتيجة تعاميم مصرف لبنان، وإنتشار مصارف الزومبي..فتترسخ أنشطة غير مشروعة في الإقتصاد.
- يجب إعادة هيكلة المصارف القادرة على الإستمرار ورسملتها بموجب خطة زمنية محددة، ويجب على المصارف غير القادرة الخروج من السوق..وينبغي حظر تمويل المصرف المركزي للحكومة بشكلٍ صارم.
- مطلوب موازنة للعام 2023 تكون مبنية على أساس سعر صرفٍ موحد لأغراض الجمارك والضرائب ..ومطلوب التخلص من خسائر الشركات المملوكة للدولة والتوقف التدريجي عن تحويلات الخزينة إلى الكهرباء.
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن
الكاتب والصحافي حنا صالح