في صبيحة اليوم ال1258 على بدء ثورة الكرامة
"لولا النظام الطائفي لسحبونا من بيوتنا"!
بهذه العبارة علق نبيه بري على الإنتفاضة ضد إغراق لبنان بالنفايات في العام 2015، ونبيه هو نبيه دوماً لأهمية اللعب بالغرائز الطائفية، وإيهام مريديه وقوى طائفية أبعد منهم، أن بوسعه تقديم شيء ما لجماعته من خلال الدفع إلى التحريض الطائفي، ليحرف إهتمام الناس عن وجعها، ويحرف الأنظار عن مسؤوليته المباشرة في تجويع الناس، والمضي في التضليل والإحتماء بجدار من المذهبية التي حمته منذ 6 أيار 1984 وما زالت تحميه.
عندما يضرب الفقر والعوز أكثر من 83% من اللبنانيين، فالمسؤول الأول عن ذلك، عن الذل اللاحق بالناس، وعن تحويل البلد إلى رصيف هجرة للكفاءات والشباب والعمال المهرة وإقتصار المتبقين على مسنين من نواطير المفاتيح، هو رأس منظومة النيترات المتشبث برئاسة البرلمان منذ 31 سنة، وهو ضابط إيقاع منظومة سياسية إنتهت صلاحيتها الوطنية، وما بقائها على صدور اللبنانيين إلاّ لعدم تمكن الموجوعين من بلورة البديل السياسي.
وعندما تكشف الأوراق، ويخشى رموز التسلط غضب الناس الآتي مهما حاولوا، بعدما إنكشفت جوانب كبيرة من إجرام التحالف المافياوي، تحالف الجريمة المنظمة، الساعي ليلاً ونهاراً لتصحير البلد وتحويله إلى مجرد خارطة لأرض محروقة، لتسهيل مهمة أصحاب مشروع إقتلاع البلد وإستتباعه لنظام ملالي طهران، وهو الإتجاه الذي يحدد منحى كل السياسات التي يفرضها حزب الله.. لا يعود أمراً كبيراً عمن نهبوا كل شيء، وسرقوا جني أعمار الناس، أن يسطوا على الوقت! وهم يعلمون أن مصالح شركائهم الطائفيين ستلتقي معهم موضوعياً! بشرفكم ما علاقة الصيام خلال شهر رمضان بقرار متسلطين قالوا بإيقاف الوقت وأن بوسعهم تعطيل الزمن؟ وأين هو الضرر اللاحق بالمسيحيين من ذلك؟ فيما الضرر من منحى عزل لبنان عن مدار الأرض ومصالح شعوبها عميق ويطال كل اللبنانيين والمتبقي من موقع للبلد!
غير أن إقتصار القول أن ضابط إيقاع منظومة النيترات، هو كل شيء في ما آل إليه وضع البلد فإن فيه الكثير من عدم الدقة.قائد الأوركسترا الرديئة لديه شركاء في الرداءة خصوصاً الذين شغلوا موقع رئاسة الحكومة، فما من جهة لبنانية أساءت للموقع وإنتهكت صلاحيات له قالها الدستور،أكثر من أكثرية من شغلوا هذا الموقع، وكم يصح على البنكرجي الوصف الذي يتردد هذه الأيام بأنه الخزمتشي الأول عند النبيه!
لنسمي الأمور كما هي. عشية الخطر الداهم عن إمكانية تصنيف لبنان في المنطقة الرمادية، أي بلد تبييض العملة والممنوع ما يصعب قيامته، يظهر الشريط المتلفز المقصود تسريبه أن سوقاً سوداء تحكم البلد! دردشة الثنائي فضحت هزال السلطة، ولا يغطي هذا الهزال أنهم أتوا بفلان وعلتان آدمي إلى الوزارة، ليس مقبولاً هذا النوع من الحجج فكل شيء سقط! يديرون البلد بالخفة وبالعنجهية وغياب مطلق لرجل الدولة!
وعلى مدى ال18 سنة الماضية، هناك لاعب كبير جداً في هذه الأوركسترا، هو عون وما تناسل من تياره من طائفيين، مثل جبران وأضرابه، الذين سارعوا لمساندة ثنائي وقف التوقيت العالمي وعزل لبنان، ناس ومصالح، عن البشرية، فاطلقوا الأبواق الطائفية خدمة لمخطط إجرامي يراد منه تغطية قضايا خطيرة بينها:
1- تلزيم بالتراضي لإنشاء مطار يضاف إلى المطار الدولي! تلزيم بالسر بأرقام فلكية في زمن إنشغال اللبنانيين ببدنهم: بلقمة الخبز وحبة الدواء، فوجد حمية حامي حمى مصالح ميليشيا حزب الله التوقيت المناسب لضرب ضربته ومسح الأرض بالقوانين وحقوق الناس ومصالح البلد بعدما حاز غطاء البنكرجي الذي سعى لغسل يديه فطلب متأخراً إحالة الملف إلى ديوان المحاسبة!
2- والأكيد أن كل الذين نفخوا في الرماد الطائفي وأججوا مشاعر طائفية مقيتة، إلتقوا عند ضرورة طمس مفاعيل مضبطة الإتهام التي أعلنتها بعثة صندوق النقد الدولي، وحمّلت مسؤولية الإنهيارات وإذلال اللبنانيين، لحكومة "الثورة المضادة" والبرلمان ومصرف لبنان، الذي يتربع على قمته ملاحق من القضاء الأوروبي ومن القضاء اللبناني، بتهم تبييض الأموال والتزوير وإستخدام المزور والإثراء غير المشروع!
ما تقدم لا يسقط دور الطائفيين الآخرين، الأركان في نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي شركاء الثنائي المذهبي ورئاسة الحكومة والفريق العوني، فقد شكلوا خط دفاع عن مصالح الكارتل السياسي المصرفي الميليشياوي، من خلال السعي لتغطية المنهبة وتضييع المسؤوليات والعمل لقوننة الجرائم المرتكبة على المال العام. وعلى الدوام تغطية جريمة إختطاف الدولة، ولا يعفي بعضهم الإستفاقة المتأخرة لتحسين الموقع بعد الرسائل التي وجهتها ثورة تشرين!
وبعد، كل ما تقدم لا يسقط مسؤولية في مكانٍ ما على وجوه جديدة من "تكتل التغيير". غرق بعضها في اللف والدوران واللعم، فيما هذه اللحظات تتطلب الموقف ورفع سوط المحاسبة والمساءلة فإكتفوا بالتغريد، فقط كي لا يقال أنهم غابوا عن الحدث الجلل!
وبعد البعد، واقعياً أكثرية اللبنانيين لم يلتزموا قرار وقف الزمن، وتعطيل التاريخ، وتصدوا لثنائي التسريب المتلفز ورفضوا.. والأكيد أن "وسيناريست" ما، يشتغل الآن على أكبر مسلسل هزلي موجع لتأريخ متلفز لهذا الحدث! أليس جميلاً يفوق كل قبح تعاميم رياض إعلانه أن المصرف المركزي سيلتزم التوقيتين! يا لحفلة الجنون هذه؟ إن التحدي يكون بالعمل لقبع هذه المنظومة كاملة!
وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.
الكاتب والصحافي حنا صالح