في صبيحة اليوم ال1263 على بدء ثورة الكرامة

أرغمت المساءلة السياسية والشعبية والإعلامية حزب الله على المسارعة إلى لحس توقيع وزيره علي حمية على الصفقة الفضيحة المتعلقة بمطار بيروت الدولي،(terminal 2). فقد أدرك عدم قدرته على هضم الفضيحة، فسارع إلى إحتوائها وتطويق ذيولها، لكنها أكبر من إدعاء وزير ضرب عرض الحائط بالقوانين، بأن لديه "شجاعة" التراجع عن عقد بالتراضي، فالمطلوب فتح ملاحقة قضائية لوزير، هو بالواقع شريك بجرمٍ، كان من شأن صفقته أن تدخل لبنان المنهوب ب 20 سنة سرقة من المال العام لصالح الدويلة!
لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال عدم تدخل القضاء بهذه الصفقة وأبعادها والمخالفات في العقد، فالوزير حمية الذي أطلق على نفسه صفة "الشجاع"، وأنه ألغى العقد "بناء على طلب الجهة التي أتشرف بتمثيلها في الحكومة وهي حزب الله"..وأنه يعتبر العقد "وكأنه غير موجود"، هو من كان قد تفاخر بهذه الصفقة التي أنجزها بالتراضي إستناداً إلى تفسير هزلي لقانون يعود للعام 1947، ضارباً عرض الحائط بقانون الشراء العام الذي يوجب إجراء مناقصة علنية وشفافة حدّد القانون أسسها وموجباتها. هذا التطور يتطلب اليوم ملاحقة سياسية وشعبية وأساساً نيابية، خصوصاً من جانب "تكتل التغيير"، لإعادة النظر بكل الصفقات بالتراضي التي أقدم عليها حمية، وأبرزها صفقة مرفأ بيروت الذي تم بيعه بسنتات لشركة فرنسية!

2- توازياً لفت الإنتباه إستدعاء فرنسي إلى باريس اليوم لمرشح حزب الله للرئاسة سليمان فرنجية. والعنوان التشاور في مستجدات الموقف من الإستحقاق الرئاسي! والبعض يتحدث عن "دفتر شروط" مطلوب توقيعه، أو تخريجة تسبق الإنسحاب، خصوصاً وأنه معروف أن رئيس تيار المردة الذي رشحه الثنائي المذهبي متريث منذ أسابيع في عقد مؤتمر صحافي ليعلن ترشحه، و"برنامجه" كما كان قد وعد!
الأمر الأكيد أن فرنجية مدرك حجم الرفض الداخلي والإقليمي والدولي لترشحه، ومتيقن أن دعم الثنائي المذهبي، قد لا يكون كافياً لوصوله إلى بعبدا، رغم تبني فرنسا ماكرون لهذا الموقف. فالمنطقة بعد الإتفاق السعودي الإيراني بشراكة صينية، أمام تحولات جديدة مغايرة بالكامل. هنا قد يكون فريق فرنجية قلق من أن التطورات في الإقليم، من شأنها أن تجعل هذا الترشيح متناقض مع ضرورات التقارب بين الرياض وطهران، والأمر أولوية إيرانية، ما يفسر تردد سيد بنشعي عن إعلان ترشحه. بأي حال بكرا الخبر ببلاش!

3- في السياق يكثر بعض الجهابذة، وبعضهم من أصحاب "النوايا الحسنة"، توجيه اللوم لأكثرية نواب التغيير، وقد زينوا لهم ما يعتبرونه الخيار الأقل سؤاً على الخيار الأكثر سواداً! لهؤلاء الحهابذة، وكل أصحاب النوايا أياً كانت، وكتابات البعض منهم لا تخرج عن صفة "غب الطلب"، سواء قبلوا أم لم يقبلوا، يعيش البلد ثورة حقيقية رسمت للبنانيين أفقاً لإستعادة الدولة المخطوفة من خارج صراعات "معارضة" النظام و"موالاته". هذه الثورة التي لولا تأثيرها ما كان يمكن فضح وإسقاط الصفقة الفضيحة لمطار بيروت رسمت خطاً آخر لخلاص البلد هو ما يقوله الأغلبية الساحقة من إستحالة الإنقاذ والتغيير وحتى تحقيق الحد الأدنى من مطالب الناس بالشراكة مع منظومة الفساد، أطراف نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي!
ما حدن يتلطى خلف سلبطة السلاح وتسلط حزب الله ودويلته وإقتصاده "الموازي" و"قرضه الحسن"، لتبرئة شركائه الآخرين..قوى التغيير وحدها من واجه حزب الله وكل أطراف الممانعة في صناديق الإقتراع فكفى "أستذة". وحده القضاء في المستقبل، يحدد مسؤولية وحجم الإرتكابات الجرمية لكل فريق من الأطراف الذين تحاصصوا البلد، وتسلطوا على رقاب الناس، ويمنعون المحاسبة على الجرائم المالية التي دمرت البلدج عمداً. لولا شراكتهم في نظام "الحصانات" و"الإفلات من العقاب" لكانت الحقيقة أعلنت في جريمة العصر وكان القضاء قال كلمته في جريمة تفجير المرفأ وبيروت! 

4- إضراب أوجيرو مستمر وعزل لبنان عن العالم يتقدم أكثر فأكثر وكل العلاجات لا تاخذ بعين الإعتبار محاولة لمرة واحدة سد الثقوب الكبيرة التي تتسرب منها عائدات الدولة من الإنترنت والهاتف الخليوي الموزعة على المحظوظين الذين يمثلون القوى المتسلطة على البلد!
على القضاء وضع يده على ما تم تعميمه بشأن الإنترنت. فقد أشيع أن الحكومة فرضت على أوجيرو بيع الإنترنت للشركات الخاصة على سعر الدولار ب 3 آلاف ليرة ، والشركات تبيع المواطنين على سعر صيرفة وهو اليوم 90 ألفاً أو على سعر السوق السوداء! ما يعني أن هدر المال العام في أوجيرو بلغ أرقاماً فلكية! لقد أعلن مثلاً أن شركتي الخليوي تشتريان من أوجيرو 80 جيغا ب60 ألف ليرة لبنانية وتبيعان كل 10 جيغا ب11 دولاراً! أي أن ال80 جيغا تباع بحو 88 دولاراً أي ما ما يزيد عن 9 ملاين ليرة بأسعار اليوم! كلها أرقام معممة في البلد وتفترض أجوبة جدية من الحكومة والقضاء وبداية من وزير الإتصالات الذي يبحث مع ميقاتي في كيفية تسلم الجيش لمؤسسة أوجيرو!
حركة الإضرابات ستتسع وتتعمم على كل القطاعات، ويشارك بها بقوة كل المتقاعدين الذين يتم تآكلت حقوقهم ورواتبهم التقاعدية وتعويضاتهم  وهي أموال تم إقتطاعها من رواتبهم وسنوات عملهم الطويل.. وكل محاولات التمييز بين العاملين في القطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية والمتقاعدين لن يكتب لها النجاح. بعدما وضعوا الناس أمام الحائط المسدود فإن الأمر الأكيد هو مزيد من الضغط في الشارع ولن يرضخ المواطن لنهج الفساد والتجويع والمضي بالصفقات على حسابه وحساب المال العام!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب والصحافي حنا صالح