في صبيحة اليوم ال1273 على بدء ثورة الكرامة

كان يمكن من عنوان رواية نجيب محفوظ "اللص والكلاب"، أن يستوحي صاحب مخيلة مشهدية متلفزة لزوم هذه الليالي الرمضانية! مشهدية تطل على أضلع الإجرام اللبناني: المافيا المتسلطة، السياسية والمصرفية والميليشياوية والقضائية وأدواتها من أمن وأبواق إعلامية، إلتقت كلها على إستسهال السطو على ودائع المواطنين، وإخضاعها لمخطط تذويبها من خلال بدع تعاميم فاسد المركزي الملاحق دوليا ومدعى عليه محلياً.. كانت ستحطم من حيث المشاهدة، كل الأرقام السابقة لأشهر الأعمال التلفزيونية!
تعالوا نستعيد ببعض فصول الجريمة الكاملة من خلال عبارات مأثورة: ما حدن بغير ضابط أثناء المعركة! وكذلك: إقالة رياض سلامة تعني إرتفاعاً في سعر الصرف إلى 20 ألف ليرة!
وتعالوا نتخيل ملامح وجه قاضية التحقيق الفرنسية الشهيرة بوريسي، عندما ينهض قاضي التحقيق ليجلب منفضة لسيكار رياض سلامة أثناء جلسة إستجواب الأخير1 جلسة تحقيق من 100 سؤال وسؤال أنهتها القاضية الفرنسية بإبلاغ سلامة أنها تنتظره في باريس منتصف أيار القادم  لمتابعة التحقيق معه.
ولنتخيل معاً ما هي ردة فعل مروان خير الدين عندما تم توقيفه لدى نزوله من الطائرة في مطار شارل ديغول وسحبه إلى التحقيق وإطلاق تهم مباشرة بوجهه عن دوره في تكوين "عصابة أشرار"، ودوره في غسل أموال، ومساعدة موظف عمومي لبناني،(رياض سلامة)، في تهريب الأموال والإثراء غير المشروع ..ووضعه تحت الرقابة القضائية ومنعه من السفر بعد مصادرة جواز سفره، كما تردد أن الشرطة الفرنسية ألبست خير الدين إسوارة الكترونية لمراقبة حركته وتحديد موقعه!
الأكيد، أن كل أصحاب المخيلة التلفزيونية شاهدوا فيلم "العراب"، ويمكن العودة إليه والتنبه لبعض جوانب غسل الأدمغة، وصولاً إلى تقرب"العراب" من الفاتيكان(..)، لأنه يمكن عندها التمعن بجانب من الممارسات الإجرامية الإنتقامية التي تعرض لها المواطن اللبناني. أكيد مفيد لمصلحة العمل ورسوخه كمشهدية في ذاكرة الناس، إستعادة بعض الضخ الإعلامي والإعلاني لغسل الأدمغة، بدءاً من نصائح رياض عن "الليرة بخير" وتكرار هذه اللازمة من المرابين في الكارتل المصرفي إلى كل السياسيين.. إلى الإستضافات المتلفزة المتتالية لمروان ومن هم على شاكلته، والذهاب إلى مرحلة ترشحه لعضوية البرلمان على لائحة الثنائي المذهبي في دائرة الجنوب الثالثة، لائحة حزب الله وحركة أمل، وهي التي حاذت بالمباشر تأييد البعث والقومي إلى إرسلان وجنبلاط، دون أن ننسى حزب القوات الذي بقرار المقاطعة قدم في مكانٍ ما الدعم للائحة الثنائي المذهبي! ولا ننسى طعن كل أعضاء اللائحة بالنتائج دفاعاً عن خير الدين!
في السياق سيكون لفاصل الإضرابات المتتالية لجمعية المصارف وقعه. الإقفال الأول لتغطية تهريب عشرات مليارات الدولارات إلى الخارج والإضرابات التالية لترويع اللبنانيين وإبتزاز بعض القضاء عندما قام بواجبه لإرغامه على التراجع..وكيف يمكن تظهير تعاون منظومة النيترات مع هذا النوع من الإضرابات!
الأمر الأكيد أن من بين المطلوب في مشهدية متلفزة من هذا النوع تسليط الضوء على كيفية تصرف التحالف المافياوي طيلة عقود وفق قاعدة أن "القضاء للضعفاء"، وأن المتسلطين فوق القانون والمحاسبة والمساءلة، وأن "الحصانات" لا تمس والثابت هو "قانون الإفلات من العقاب"..كما أن لا أولوية تتقدم المصالح الشخصية لأطراف نظام المحاصصة الطائفي الغنائمي، والإستهتار بالشأن العام، حتى الصدمة الناجمة عن مفاجأة إستقلالية القضاء..الأوروبي، ليبدأ تصدع هيكل الفساد على الناهبين!
رغم تقدم غيره عليه في الوقاحة الجنائية فملك الآلاعيب يستحق أن تحجز له تسمية اللص بكل أبعادها!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

الكاتب والصحافي حنا صالح