المجتمع الدوليّ فاسدٌ كلّه، لكنّ فساده – على عيوبه المستشرية - منظّمٌ ومقوننٌ إلى حدٍّ ما، بخلاف الفساد اللبنانيّ الذي لا يعترف بدولةٍ، ولا بنظامٍ، ولا بقانونٍ، ولا أيضًا بشورى ودستور.
الفساد اللبنانيّ، لا حدود للفساد اللبنانيّ، فهو لم يعد يُطاق، ولا يُحتمل، لأنّ هوله يفوق قدرة البشر العاديّين، أقصد "المواطنين" (الذين من لحم ودم وجلد وعظم) على التحمّل والاحتمال. 
هو ليس فحسب فساد السياسة، ولا فساد رجال السياسة، ولا فساد الأحزاب وسلاح الأحزاب وبلطجات الأحزاب، ولا فساد المال وصفقات أهل المال، ولا فساد الضمائر حيث لا ضمائر، بل – أكاد أقول - فساد الماء والهواء والنار والتراب في لبنان، وربّما ربّما فساد الجينات اللبنانيّة مطلقًا (اللهم نجِّني من التعميم. ولا تعميم).
ليس عندي أوهامٌ ولا أحلامٌ لبنانيّةٌ إصلاحيّةٌ وتغييريّةٌ، في السياسة والاقتصاد والاجتماع (والسيادة)، من طريق الأمم المتّحدة، ولا من طريق مجلس الأمن، ولا من طريق المحكمة الدوليّة، ولا من طريق لاهاي، ولا من طريق البنك الدوليّ، ولا من طريق صندوق النقد الدوليّ، ولا من طريق الاتّحاد الأوروبيّ، ولا أيضًا وخصوصًا من طريق فرنسا والولايات المتّحدة (الأمريكيّة)، ولا من بوتين الاتّحاد الروسيّ، ولا من الصين الشعبيّة، وهلمّ. 
لكنّي لكنّي، وأنا عارفٌ بما عارف، وبما لستُ أعرف، وأيًّا تكن النتائج المترتّبة، أدعو إلى اعتبار لبنان هذا، الجمهوريّة القائمة حاليًّا، بما بقيَ من فلولها ومؤسّساتها وأشباه رجالاتها، دولةً فاشلة. 
أكرّر، وبالثلاث: فاشلة فاشلة فاشلة.
الفصل السابع؟ نعم الفصل السابع. ولِمَ لا؟! وعلى الرغم من تحفّظ المتحفّظين ورفض الرافضين؛ متحفّظين ورافضين ليس دفاعًا عن كرامةٍ وسيادةٍ وطنيّتين، ولا دفاعًا عن دولة، بل دفاعًا عن دويلة فحسب. فحسب.
فلتوضَع على هذا اللبنان المريض الميؤوس منه، اليدُ الدوليّة الماحقة القاسية الملطّخة هي الأخرى بالفساد، بالقسوة، باللّاضمير، بالدم، وبالجريمة، وإلى آخره.
كلّ فسادٍ في الأرض – مهما بغى وجار – لن يكون أسوأ من فساد هؤلاء. لا أسوأ من القوى السياسيّة اللبنانيّة الحاكمة بأمرها، من فساد هذه العصابات اللبنانيّة المستولية على السلطة، من انحطاطها، من سفالتها، من وطاوتها، من إرهابها، ومن قدرتها على قتل كلّ أملٍ وكلّ حلم.
هذا الفساد العالميّ، هذا الجور، مطلوبٌ "واقعيًّا"، في غياب قوى التغيير الوطنيّة الديموقراطيّة الحقيقيّة، وفي عجزها عن القيام بدورها التاريخيّ المأمول والمطلوب، وبقوّة. وأراني أكاد أقول بالحبر المليء: "فليركبْنا" هذا الفساد الأمميّ، هذا الجور الكونيّ إلى حين، وموقّتًا، إلى أنْ نرعوي، إلى أنْ نقول لدولة القانون والدستور: نحن رعاياك ومواطنيك؛ تفضّلي احكمينا بالقانون والمساواة والعدل والديموقراطيّة والحرّيّة. ولتذهب – آنذاك - أمم الأرض والعصابات اللبنانيّة إلى الجحيم، وإلى الأبد.
يا ما أحيلاها!

الكاتب والصحافي عقل العويط