في صبيحة اليوم ال555 على بدء ثورة الكرامة

 مخيفة هذه الوتيرة بتدمير حياة اللبنانيين وتدمير لبنان، ومخيف هذا النهج العدواني من كل منظومة الحكم ضد الشعب اللبناني وضد مصالح اللبنانيين! ومخيف هذا التساقط لمؤسسات الدولة واحدة بعد أخرى وبفعل فاعل هو المتحكم بقرار البلد مع شراكة كاملة بالتغطية من الحكم وكل أطراف منظومة الفساد والنهب والتبعية! وكم هو مخيف هذا الاستتباع للبلد بنظام الملالي في طهران وتحكمه باللبنانيين!

  بدءاً من صباح الغد الأحد يتوقف تصدير كل المنتجات الزراعية إلى السعودية وعبرها إلى الدول الأخرى، وتخضع كل البضائع والمنتجات غير الزراعية لرقابة مشددة، والسبب إرساليات المخدرات إلى المملكة وعدم تعاون السلطات اللبنانية لمنعها! هذا القرار السعودي كان متوقعاً لأن السعودية أبلغت لبنان منذ سنة ونيف، أنها كشفت إرساليات مخدرات إلى أراضيها مصدرها لبنان، وكانت تتم أساساً ضمن إرساليات الفواكه والخضار وما تم كشفه يصل إلى 70 مليون قرص من مخدر الكابتاغون، والخطير أن ما نسبته 75% من المخدرات التي توجه إلى المملكة مصدرها لبنان، وأن السلطات الرسمية لم تتعامل بجدية مع هذا الخطر!

 القرار السعودي المفهوم، الكارثي للبنان والمدمر لحياة عشرات ألوف الأسر اللبنانية التي تعتاش من الزراعة، والمدمر لجانب متبقٍ من الاقتصاد لم يفرض أي استنفار رسمي! القصر الذي رتب على عجل الاجتماع الأمني حول الاستعراض الشعبوي في عوكر، لم يجد بعد ضرورة لدعوة مجلس الدفاع الأعلى للإنعقاد فوراً واتخاذ إجراءات، وهو قادر عليها، بضبط الحدود المستباحة من ميليشيا حزب الله.. أما صمت القبور فقد لف السراي الحكومي، فيما أثارت السخرية دعوة وزير الخارجية للقضاء بتحمل مسؤولياته( عن أي قضاء يتحدث معاليه عن التشكيلات المصادرة أم قضاء غادة عون أو الارتياب المشروع وجريمة تفجير المرفأ وبيروت)، أما موقف وزير الداخلية فقد كان مخزياً وعديم المسؤولية إذ راح يردد مقولة أن الأمر يتطلب تبادل معلومات والكثير من التعاون الأمني! وكأن الجمارك السعودية مسؤولة عن الحدود اللبنانية المستباحة وليس المعني المباشر بها أولاً وأخيراً وزير القتيلين!

جرائم التهريب هذه هي النتيجة الطبيعية لاستباحة الحدود والثغور من مرفأ ومطار من جانب حزب الله، وما يجري عبر هذه الحدود المستباحة هو النتيجة الطبيعية لجريمة موصوفة ارتكبتها منظومة الفساد مجتمعة. من هم في سدة الحكم الآن، كما من هم خارجه، لأنهم كلهم سلموا قرار البلد إلى الدويلة وتخلوا عن دور الدولة لميليشيا تنفذ إرادة خارجية يعتبر بعض رموزها ( تصريحات الشيخ النابلسي قبل أيام) أن التهريب عمل مقاوم! والحصيلة تدمير متزايد لحياة اللبنانيين والتسبب بإقفال النافذة الأخيرة لدعم البلد، من خلال تسويق منتجاته، والحديث يدور عن أكثر من 150 ألف طن من المنتجات الزراعية التي يتم تصديرها، ووحدها فاتورة السعودية التي تستورد نحو 50 ألف طن تتجاوز ال80 مليون دولار! ورغم كل ذلك أطلت الميليشيا إياها عبر جريدة "الأخبار" بمانشيت مقزز حمل عنوان "مملكة الحصار الإقتصادي"!

 لقد حوّل تحالف الميليشيات والمافيا لبنان إلى جغرافية معزولة، بطالة وإفلاسات وبلد يفتك العوز بأهله وتنهش المجاعة ناسه. جغرافيا مستباحة تتحكم بها ميليشيا تحمي التهريب الذي بات مقونناً بفعل الأمر الواقع، ومن يسرق لقمة اللبنانيين ويحرمهم الرغيف وحبة الدواء والمحروقات لن يتورع عن إرسال السموم إلى المنطقة وآخر همه تعريض حياة اللبنانيين للحرق والبلد للإندثار..وحتى تكتمل الكارثة أعلنت اليونان مساء أمس عن مصادرة شحنة من الحشيش مصدرها لبنان وتقدر بنحو 4 أطنان مرسلة إلى سلوفاكيا وقيمتها تتجاوز 33 مليون دولار، وكانت مخبأة ضمن معدات مصدرة لتصنيع الحلويات! وكشفت أثينا أنها تلقت معطيات من الجانب الأميركي والسعودي ما سهل كشف عملية التهريب الخطرة!

 مع هذه الجرائم الكبرى بحق كل اللبنانيين وبحق لبنان والتي تعرض الاستقرار الداخلي لدول شقيقة وصديقة لخطر داهم نتيجة هذه السموم، بات الحد الأدنى من حق اللبنانيين بالدفاع عن أنفسهم هو رفع الصوت بضرورة إسقاط كل هذه الطبقة السياسية الفاسدة، ومناشدة العالم عزلها وفرض الحجر السياسي عليها، لأنها ليست خطر على اللبنانيين وحسب، بل على العالم أيضا! وكل المؤسسات الدولية وضعت في رأس أهدافها مكافحة الاتجار بالمخدرات والأمر لم يعد بالنسبة للبنان مقتصر على ميليشيا حزب الله بل إن المسؤولية مشتركة مع الجهات السياسية التي غطت هذه الممارسات وخصوصاً منذ التسوية الرئاسية في العام 2016!.. وحتى يكتمل "النقل بالزعرور" وصلت موجات من الجراد التي بدأت تجتاح مناطق بقاعية واسعة! نعتذر منكم أيها الجراد فالجراد السياسي عندنا أتى على الأخضر واليابس!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن

الكاتب: الصحافي حنا صالح